Wednesday, February 2, 2011

«---•}I|[مجموعة الابـداع]|I{•---» تونس ثم أم الدنيا و الحبل جرار


 

 

 

 

تونس ثم أم الدنيا و الحبل جرار

 

بقلم: حسن راضي

 

بدئت ثورة تونس التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي تلقي بظلالها على الدول العربية. و شكلت ثورة تونس نقطة إنطلاق عاصفة التغيير التي هبت رياحها نحو الدول العربية. حيث ظهرت آثار التصدع بالأنظمة العربية تظهر للعلن و التراجعات السياسية الكبيرة و الوعود المعسولة التي بدءت تقدمها الأنظمة العربية لشعوبها المقهورة للحيلولة دون وصول عاصفة التغيير الشامل لهم, جائت في وقت الضائع حيث عجلة التغيير التي تقودها الشعوب أكبر و أسرع بكثير من التنازلات المكوكية للأنظمة.

 بعد إنتصار الثورة التونسية التي غيرت موازين القوى لصالح الشعوب, إسترجعت الشعوب العربية هيبتها و أملها بقدراتها الذاتية في تحقيق مطالبها و حقوقها المشروعة و الإطاحة برؤساء قد حكمت الشعوب و أحتكرت السلطة لعشرات السنين, دون إستجداء العون في تغيير الأنظمة من الدول الأجنبية أو الإتكاء على قوة خارجية.

ثورة الشعوب في الوطن العربي التي أنتصرت في تونس و في طريقها للإنتصار في مصر و باتأكيد ستشمل معظم الدول العربية أذا لم نقول كلها, عاد إلى الأذهان زمن الثورات و الإنتصارات في الثلاثينات و الأربعينات و الخمسينات من القرن الماضي على الإستعمار الأجنبي. تعيش هذه الشعوب العربية في هذه الأيام أيام نهضة و صحوة و الثقة بالنفس و النزول إلى الشارع و مواجهة الأنظمة و المطالبة الصريحة و الجرئية برحيل الرؤساء و الإطاحة بالأنظمة دون خوف و رعب منها.

ثورة التغيير التي حطت رحاها هذه الأيام في مصر العروبة, بدئت تسجل إنتصارات  ومكاسب كبيرة و مهمة لصالح الثورة و تراجعات ملموسة للنظام الحاكم منذ العشرات السنين. نزول الشعب المصري إلى الشارع للتظاهر المستمر و المنظم و إزاحة الخوف و اليأس و المطالبة الجرئية و الصريحة برحيل الرئيس حسني مبارك ,هو أول مكسب للثورة الفتية في مصر التي أخذت معالمها تظهر رويدا رويدا. و سجل النظام المصري أول تراجعاته الكبيرة أمام الضغط الجماهيري المتواصل,الذي رفض الرضوخ لها منذ ثلاثين عاما و هو تعيين نائبا للرئيس. جائت هذه الخطوة المهمة للنظام  بتعيين نائبا للرئيس و من خارج العائلة الحاكمة, لها مدلولاتها السياسية حيث الغت فكرة توريث الحكم في مصر التي شكلت نقطة هاجس مهمة لدى الشارع المصري و كانت إحدى مطالبه في الفترة الماضية.  و لم تعد اليوم من مطالب الثورة, حيث الثورة تجاوزت هذه المطالب و وضعت سقفا عاليا من المطالب, كانت بعيدة عن حسابات و توقعات النظام المصري. خطوات النظام المصري في إقالة الحكومة و تشكيل حكومة جديدة و الإعلان عن تحديد أولويات تلبي مطالب الجماهير المصرية و فتح حوار مع المعارضة حول كافة القضايا المثارة و الإعلان بإعادة الإنتخابات التشريعية في بعض الدوائر المطعون فيها, بهدف مص غضب الجماهير الثائرة, لن تجدي نفعا لإنها جائت في الوقت الضائع.

لم يستسلم النظام المصري سريعا للجماهير و لم يقدم تنازلات و تراجعات مجانية إلا بعد ما جرب عدة محاولات لإجهاض الثورة بإستخدام تكتيكين مهمين: أولهما إستخدام القمع و القتل بهدف إرعاب و إرهاب الجماهير الثائرة. و ثانيهما محاولة إنحراف مسيرة الثورة و أهدافها النبيلة, بعد ما سحب النظام المصري, الشرطة  و الأمن من حماية الأماكن العامة و الخاصة حتى تنحرف الجماهير الثائرة إلى الفوضى و النهب و السلب و الإضرار بالمصلحة العامة. و بالتالي تفقد الثورة مصداقيتها و تتلوث مسيرتها و تتحول من ثورة عارمة لإسقاط النظام و تغييره, إلى حركة من الغوغائيين و المخربين. و حينها تفقد الثورة حمايتها الدولية و تعاطفها الجماهيري في العالم و الوطن العربي و يتحول الدعم و الحماية و المناصرة للنظام المصري لحماية البلد من المخربين و العصابات الإرهابية. و بالفعل نجح النظام بشكل نسبي في تكتكه الثاني حين تعرضت الأماكن العامة و الخاصة الى النهب و السلب. و لم يسلم حتى المتحف المصري من السطو و التخريب على مدى يوميين متتاليين.

 تشائمت الكثير من الجماهير و الشعوب العربية من الثورة المصرية, بعد ما شاهدت مظاهر النهب و السلب و الإضرار بالمصلحة العامة من خلال حرق و تدمير المراكز الحيوية للبلد. هروب الالاف من المجرمين من السجون, بفعل متعمد من النظام أو نتيجة الفوضى و الإنسحاب الأمني و الشرطة من أماكنها, كانت تصب في نفس الخطة و التكتيك هذا. لكن سرعان ما تصدت الجماهير الواعية و الشعب الثائر لهذه الخطة بعد ما عرفت أهدافها و إنعكاساتها الخطيرة على الثورة. و شكلت الجماهير فرق و لجان شعبية لحماية الأماكن العامة و الخاصة و حاربت بكل شجاعة تلك الظاهرة و نجحت في حماية ممتلكات البلد التي تعرضت للإضرار من قبل المخربين و اللصوص, الذي يقال إنهم ينتسبون إلى النظام نفسه ضمن الخطة المرسومة تلك, لإدخال الرعب و الخوف و التراجع من الثورة  الشعبية.

إستمرار الثورة في مصر لليوم السابع على التوالي, تصاعد الغضب في الشارع, تحقيق مكاسب و إنجازات ملموسة لصالح المتظاهرين الذين ينظمون أنفسهم و مظاهراتهم يوم بعد يوم , التراجع الواضح للنظام مقابل الضغط الجماهيري المتصاعد, رفع يد الولايات المتحدة الأميركية و الإتحاد الأروبي عن دعم و مساندة النظام المصري و بالتالي سقوط هيبته أمام كل تلك العوامل, جعلت النظام المصري يعيش العد العكسي لأيامه الأخيرة. و قد أزالت تلك العوامل الضباب عن الصورة المستقبلية في مصر و ثورتها العارمة. و تدل المؤشرات على إن الثورة مستمرة و ستصل إلى أهدافها في نهاية المطاف.

و ستترك الثورة في مصر إنعكاسات واسعة و عميقة على المنطقة برمتها بشكل عام و على العالم العربي بشكل خاص, مهما كانت نتائج الثورة بعد اليوم, نظرا لأهمية مصر في العالم العربي من حيث ثقله السكاني و السياسي الرائد في المنطقة و تأثيره على العالم العربي. تنظر الشعوب العربية على أحر من نار لنتائج الثورة في مصر حتى تزيدها عزما و إرادة و ترفع من معنوياتها في تطبيق النهج التونسي و المصري في الدول العربية التي هي على قائمة الدول المرشحة للإنفجار. و الأيام القليلة المقبلة ستثبت إلى أين تتجه عاصفة التغيير حيث الجزائر و اليمن و سورية و السودان تعيش على نار "بو عزيزي" مفجر ثورة تونس, و إن قامت تلك الدول بتنازلات و فتحت الحوار مع المعارضة, فهذا لن يشفع لها, لأن الشعب العربي أراد الحياة و العزة و مستعد للتضحية لإسترجاع كرامته و القدر ينتظره حتى يستجيب له و القيود ستتكسر بإرادة الشعوب الثارة. و غدا لناظره قريب.

Ahwazi5@hotmail.com

31/01/2011


 

--
لقد تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في مجموعة " الابــداع البريدية".
لإرسال هذا إلى هذه المجموعة، قم بإرسال بريد إلكتروني إلى
al3shq9@googlegroups.com
لإلغاء الاشتراك في هذه المجموعة، ابعث برسالة إلكترونية إلى
al3shq9+unsubscribe@googlegroups.com
لخيارات أكثر، الرجاء زيارة المجموعة على
http://groups.google.com/group/al3shq9?hl=ar?hl=ar
 
لشكاوي والاقتراحات راسلنا على الايميل
alsea7@gmail.com
 
الرسائل المطروحة لا تعبر عن رأي المجموعة بل تعبر عن رأي صاحبها
 
تفضلو بزيارتنا على موقع المجموعة
منتديات السياح العرب
 
www.alsea7.com
 
حيث نلتقي جميعا لنرتقي
وتقبلوا تحياتي الراقية لكم أحبتي

No comments:

Post a Comment